من الصفات الفعليَّة الخبريَّة الثابتة لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة.
• الدليل من الكتاب :
قولـه تعالى :
«فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» [التوبة : 79]
• الدليل من السنة :
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في آخر أهل النار خروجاً منها وآخر أهل الجنة دخولاً فيها ، وفيه أنه قال يخاطب الله عَزَّ وجَلَّ :
«أتسخر بي ؟ أو تضحك بي وأنت الملك». رواه : البخاري (6571) ، ومسلم (186).
قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (7/167) :
يُقال : سَخِرَ منه وبه : إذا تَهَزَّأ به
قال قَوَّام السنة في ((الـحجة)) (1/168) :
وتولى الذب عنهم (يعني : المؤمنـين) حـين قالـوا : «إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ» ،فقال : « اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ»، وقال : «فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ » ، وأجاب عنهم ، فقال : «أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ» ، فأجل أقدارهم أن يوصفوا بصفة عيب ، وتولى المجازاة لهم ، فقال: «اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» ، وقال : «سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ» ؛ لأن هاتين الصفتين إذا كانت من الله ؛ لم تكن سفهاً ، لأن الله حكيم ، والحكيم لا يفعل السفه ، بل ما يكون منه يكون صواباً وحكمة
وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (7/111) عند الرد على من زعم أنَّ هناك مجازاً في القرآن :
وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن ؛ كلفظ (المكر) و(الاستهزاء) و(السخرية) المضاف إلى الله ، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز ، وليس كذلك ، بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة ؛ كانت ظلماً له ، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله ؛ كانت عدلاً ؛ كما قال تعالى : «كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ» ، فكاد له كما كادت إخوته لما قاله له أبوه : «لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا» ، وقـال تعالى : «إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا» ، وقـال تعالى : «وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ» ، وقال تعالى : «الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ»
فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة السخرية لله عَزَّ وجَلَّ كما أثبتها لنفسه ، كما يثبتون صفة الكيد والمكر ، ولا يخوضون في كيفيتها ، ولا يشبهونها بسخرية المخلوق ؛ فالله«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ».
وانظر كلام ابن جرير الطبري في صفة (الاستهزاء) ، فإنه مهم.
المصدر: كتاب "صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَارِدَةُ فِي الْكِتَابِ وَ السُّنَّة"ِ