صفةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالحديث الصحيح.
• الدليل :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً :
«ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنَّى بالقرآن يجهر به».
رواه : البخاري (7482) ، ومسلم (792-234) ، واللفظ له.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في ((غريب الحديث)) (1/282) بعد أن أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناده :
أما قولـه «كأَذَنِه» ؛ ((يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبيٍ يتغنى بالقرآن ، حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قولـه تعالى : «وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ» ؛ قال : سمِعَتْ.أو قال : استمعت.شكَّ أبو عبيد. يُقال : أذنتُ للشيء ءآذَنُ له أذَناً : إذا استمعتُه
وقال البغوي في ((شرح السنة)) (4/484) :
قولـه : «ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه» يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه ، والله لا يشغله سمع عن سمع ، يقال : أذِنْتُ للشيء آذَنُ أذَناً بفتح الذال : إذا سمعت له
وقال الخطابي في ((غريب الحديث)) (3/256) :
قولـه : « ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن» الألف والذال مفتوحتان ، مصـدر أذِنْتُ للشيء أذناً : إذا استمعـت لـه، ومن قال : ((كإذنه))فقد وهم
وقال ابن كثير في ((فضائل القرآن)) (ص114-116) بعد أن أورد حديث : «لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن» قال :
ومعناه أنَّ الله تعالى ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها ، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية ، وذلك هو الغاية في ذلك ، وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : سبحان الذي وسع سمعه الأصوات ، ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم ؛ كما قال تعالى : «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ» الآية ، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ ؛ كما دل عليه هذا الحديث العظيم ، ومنهم من فسر الأذَن ها هنا بالأمر، والأوَّل أولى ؛ لقولـه : «ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن» ؛ أي : يجهر به ، والأذَن : الاستماع ؛ لدلالة السياق عليه
قال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (15/16) :
وفي الحديث : «ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن» ، قال أبو عبيد : يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن.يقال : أذِنْتُ للشيء آذنُ له : إذا استمعت له
وقال ابن منظور في ((لسان العرب)) :
قال ابن سيدة : وأذن إليه أذَنا ً : استمع، وفي الحديث : «ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن »، قال أبو عبيد.
ثم ذكر كلام أبي عبيدٍ السابق.
وقال ابن فارس في ((معجم مقاييس اللغة)) (1/76) :
ويقال للرجل السامع من كلِّ أحدٍ : أُذُن ، قال الله تعالى : «وَمِنْهُمُ الذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ» والأذَن : الاستماع ، وقيل : أذَنٌ ؛ لأنه بالأذُن يكون
قلت : هذا في حق المخلوقين ، أما الخالق سبحانه وتعالى ؛ فشأنه أعظم، «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ» ؛ فنحن نقول : إنَّ الله يأذن أذَناً ؛ أي : يستمع استماعاً بلا كيف.
المصدر: كتاب "صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَارِدَةُ فِي الْكِتَابِ وَ السُّنَّة"ِ